قوله تعالى: {وقال يابني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة}
  قال: هذا خبر عن يوسف صلى الله عليه، وصاحبيه المسجونين معه، حين رأيا الرؤيا وقصاها عليه، فعبرها لهما، فكانت كما قال صلى الله عليه، وكان منه تقدمة إلى الذي علم أنه ينجو منهما من القتل، أمره أن يذكره عند ملكهم بحسن تعبير الرؤيا، والفهم بما يأتي من الأمور ويذر، فلما أن كان من رؤيا الملك ما كان، وسأل قومه وأهل مملكته: أن يفسروها له، فلم يجد ذلك عندهم - ذكر الناجي من الحبيسين يوسف، وبصره بالتعبير، فأخبر به الملك، فأحضره وسأله عن تعبير رؤياه، فعبرها، فتمكن عنده بذلك، وعظم قدره. فأما قوله: {فأنساه الشيطان ذكر ربه} فهو: أنساه الشيطان أن يذكر أمر يوسف لربه قبل رؤيا الملك. وربه فهو: سيده وكبيره، وقوله {فلبث في السجن بضع سنين} يعني: يوسف، والبضع فهو: ما بين الست إلى السبع سنين.
  · قوله تعالى: {وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ}[يوسف: من آية ٦٧]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم #:
  وسئل عن: قول الله سبحانه فيما يحكى عن يعقوب صلى الله عليه، لجماعة بنيه: {يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة}[يوسف: ٦٧]؟
  هذا من يعقوب صلى الله عليه حين خرجوا عنه مسافرين؛ فخاف عليهم من النفس، وعيون الناظرين، فأمرهم عند دخول القرية: بأن لا يدخلوا جملة واحدة، لما كانوا عليه من كمالهم، وكثرتهم وجمالهم، وكانوا أحد عشر رجلا، لم ير مثلهم جمالا ولا كمالا، فخاف عليهم، وأشفق صلى الله عليه من أن يراهم أهل تلك البلدة مجتمعين جماعة واحدة، على ما هم عليه من كمالهم، وحسنهم