تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد 31}

صفحة 436 - الجزء 2

· قوله تعالى: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ٣١}⁣[ص: ٣١]

  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم بن إبراهيم #:

  قوله ø: {إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد}.

  قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: إن الله سبحانه ذكر ما آتى سليمان نبيه صلى الله عليه، من عظيم ملكه الذي لا ينبغي لأحد أن يملكه من بعده، فذكر أنه آتاه الرياح، غدوها شهر، ورواحها شهر، وذكر ما آتاه من صفد الجن، واستعمالهم فيما أحب من الأعمال؛ لفضل قوتهم، ولما لهم من لطيف الاحتيال؛ فذكر في ذلك سبحانه ما ذكر من القصص والأخبار، وذكر ما آتى الله سليمان من الصافنات الجياد، وهي: الخيل الكريمة الفاضلة العتاق. ثم أخبر بهوان شأن الخيل، وهي من كريم ما آتاه الله من الملك وجماله، وآلته وفضله، فذكر عرضه لها بالعشي؛ والصافنات من الخيال: القيام الكرام، التوام في القوم والطول والأجسام؛ وكان سليمان صلى الله عليه يذكر الله سبحانه قبل غروب الشمس في كل عشية، ويسبحه قبل تواريها بالحجاب، فلما عرضت عليه الخيل الصافنات الجياد بالعشي تشاغل بها، وبكثرة ما عرض عليه منها، وكان بهذا إعجاب، حتى توارت الشمس غاربة في الحجاب، بنظره إليها، حتى فاته ما كان أعز وآثر، وأكرم من أمر الدنيا وما فيها، من ذكر ربه وتسبيحه، والإقبال على ذلك دون غيره، فاغتم صلى الله عليه عند فوات ذلك له، وعلم أن العارض له دونه الإعجاب بالخيل، فأراد أن يؤدب نفسه ويعاقبها، بإتلاف ما أعجبها وشغلها، عما هو أعظم نفعا لها من تلك الخيل، فأمر بردها وإحضار كلما عرض عليه منها، ثم أمر بمسح أعناقها قتلا بالسيوف، وسوقها: عرقلته لعراقيبها؛ ليعلم الناس أنه فضل تسبيح الله وذكره، وآثر طاعته وأمره، على ما يؤثرون من