تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء}

صفحة 303 - الجزء 1

  وخبرهم، عما أرادوا من قتله، وجعل دائرة السوء بأعدائه، وكان ذلك كفا لأيديهم، وقبضا لانبساطها على إتلاف نبيه والمؤمنين معه؛ فكف الله شرهم، وأوهن كيدهم، وما هموا به من عظيم فعلهم، وردهم بغيظهم.

  · قوله تعالى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ}⁣[المائدة: ١٤]

  قال في المجموعة الفاخرة:

  وأما ما سأل عنه من الإغراء بالإرادة دون الأمر؛ فزعم أن الله جل ثناؤه يأمر بما لا يريد، ويريد من الأشياء ما لا يشاء كينونته - فأخطأ في قوله وأمره، ونسب الجهالة في ذلك إلى ربه، ورضي فيه بما لا يرضاه في نفسه، ولا يراه حسنا من أمته وعبده، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؛ ألا ترى أن الآمر بما لا يشاء: من أجهل الجاهلين؟ وعن الحكمة من أبعد المبعدين؟ فكيف اجترأ الحسن بن محمد على رب العالمين؛ فنسب إليه أشد ما يعاب به المربوبون؟!

  ثم احتج في قوله، وسطر أفحش القول في ربه؛ فقال: قال الله: {ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة}، فقال: إن الله تبارك وتعالى أغرى بينهم، ولم يرد الإغراء، ولم يأمر بالإغراء، وأدخلهم من ذلك فيما لم يشاء.

  وليس ذلك كما توهم ولا كما قال، وأول الآية يدل على عدل الله في ذلك، حين أخبر بما كان منهم، وذكر من الترك والرفض لما أمروا بأخذه، والأخذ لما أمروا بتركه، فلما أن فعلوا من ذلك ما عنه نهوا - استأهلوا من الله سبحانه الترك والخذلان؛ بما كان منهم لله من العصيان، فتركهم من الرشد والتوفيق فضلوا، وعن الخير والصلاح في كل أمرهم عموا، والبر والتواصل تركوا، فغريت بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، ونشأ على ذلك خلف من بعد خلف، فكان ذلك بسبب خذلان الله لهم، وسخطه عليهم لذلك، فلما كان ذلك كذلك - جاز