تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة}

صفحة 31 - الجزء 1

  · قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة}⁣[البقرة: ٣٠]

  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:

  وسألت: عن قول الله سبحانه: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة}، فقلت: هل شاورهم وأخبرهم فضل علمه على علمهم؟

  قال محمد بن يحيى #: لم يرد الله ø ما ذكرت من ذلك؛ ولكن أراد: إعلامهم بما يفعل ø، تكرمة لهم بذلك.

  فقلت: ما معنى جواب الملائكة حين يقولون: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}؛ آلخبر جاءهم من عند الله أم من عند أنفسهم؟

  فهذا يخبر - يرحمك الله - خبر غيب، لا تعرفه الملائكة ولا تقع عليه إلا بإخبار الله لهم؛ ولكن الله ø قد أطلعهم عليه وأخبرهم بما يكون من بني آدم من سفك الدماء، والإفساد في الأرض، وما يكون منهم من عناد؛ فكان هذا منهم استفهاما، لا معارضة، ولا شكا في أمر الله تبارك وتعالى، وأعلمهم سبحانه: أنه يعلم ما لا يعلمون، مما سيكون من المؤمنين والأنبياء المبعوثين إليهم، والكتب التي أنزلت عليهم، والأمر والنهي الذي بثه فيهم، وما في ذلك لهم من الصلاح.

  فكانت معصية الخلق من أنفسهم، اختيارا بلا جبر من الله لهم، ولا إدخال في معصية، ولا إخراج من طاعة؛ بل بصرهم هداهم، وآتاهم سبحانه تقواهم، وحذرهم الهلكة، وبين لهم الطريق والمحجة؛ فكانت معصيتهم وهلاكهم من قبلهم، لا من فعل الله بهم؛ بل خلقهم للطاعة، فقال ø: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، فلم يكن فعل هؤلاء المختارين للمعصية، من بعد أن مكنهم سبحانه من الاستطاعة، وبين لهم ما فيه النجاة - بموجب ترك