قوله تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية}
  وكما افترض عليه قسر جوارحهم على ظاهر أعمالهم في أداء فرائضهم كلها؛ فأخبر الله نبيه أن الذي افترض عليه فيهم، من: أمره بدعائهم وجهادهم هو: الظاهر مما يناله، ويقدر عليه منهم، مثل: التكلم بالإسلام، والإقرار به، واستعمال الجوارح في الصلاة، والصيام، والحج، والجهاد، وما أشبه ذلك من ظاهر الأفعال، التي يحقنون بها دمائهم عن القتل، وحرمهم عن السبي، وأموالهم عن الأخذ، وأنه لم يفترض عليه، ولم يكلفه صلاح قلوبهم وإيمانها، ولا علم باطنها وضميرها، واستخراج مكنون غيبهم؛ يكونون بذلك من فعل نبيه مهتدين حقا، وينتضمهم اسم الإيمان صدقا؛ فأخبر ﷻ بما ذكر من ذلك وفيه: أن عليه ÷ إصلاح ظاهرهم، والمعاملة منه على ذلك لهم، وأن الله سبحانه معاملهم على باطن ضمائر القلوب، وأن الله سبحانه العالم بما تنطوي عليه قلوبهم من الغيوب، {ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى}.
  · قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً}[البقرة: ٢٧٤]
  روى في كتاب ينابيع النصيحة عن عبد الله بن العباس ¥:
  أنه قال: نزلت في علي بن أبي طالب #، لم يملك من المال إلا أربعة دراهم، تصدق بدرهم ليلا، وبدرهم نهارا، وبدرهم سرا، وبدرهم علانية؛ فقال رسول الله ÷: «ما حملك على هذا؟». فقال: حملني عليه أن أستوجب على الله ما وعدني. فقال ÷:» ألا إن ذلك لك»؛ فأنزل الله هذه الآية.