قوله تعالى: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون 51}
  سبحانه - كما قال - أبواب كل شيء يحبون؛ لإقامة الحجة عليهم، فكان ذلك إملاء لهم، وتأخيرا لعقوبتهم، كما قال سبحانه: {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}[آل عمران: ١٧٨]، فكان ذلك إملاء لهم؛ وما فتح الله سبحانه عليهم أوكد في الحجة، وأشد للأخذ، وآلم للعقوبة، والله سبحانه فلا يخشى فوتا ولا يعجل، وإنما يعجل من يخشى الفوت، أو يضره شيء فيتقيه، والله ø فلا يضره شيء من معصيتهم، ولا تنفعه طاعتهم؛ بل هم ضارون في ذلك لأنفسهم، فلما أن فرحوا بما أوتوا، وجعلوه في معاصي الله ø، ونسوا ما أمرهم به - أخذهم سبحانه بغتة، وذلك أشد حسرة، يكون الأخذ على الغفلة، فإذا هم مبلسون، فانقطع عنهم اللهو والعبث، واليسارة والغنى، وصاروا إلى الآخرة مبلسين، وعند الله ø مهلكين.
  والمبلس فهو: الذي ليس له ولا في يده شيء، العادم لما كان معه، الآيس مما كان يؤمله؛ فدامت حسراتهم، وحصلوا بذنوبهم حيث {لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا}[الأنعام: ١٥٧].
  · قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ٥١}[الأنعام: ٥١]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم}، فقلت: كيف أمر أن ينذر به الخائف دون الآخر؟
  قال محمد بن يحيى #: الإنذار فهو: التحذير مما أعد الله ø للعاصي، وحكم به على المخالفين؛ فقد أمره سبحانه أن ينذر خلقه أجمعين، فلما قبل قوم، وأنكر آخرون - قال ø: أنذر به الخائف؛ إذ قد غلب العاصي، فكان المنتفع