تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}

صفحة 110 - الجزء 2

  الإنسان عنى به: النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار، وكان الذي دعا على رسول الله ÷، وهو الذي ذكره الله ø حيث يقول: {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}.

  · قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}، يعني بذلك ø: ما خلق من الشمس والقمر، وما جعل بينهما في الفرق الواضح، وما فضل به ضوء النهار على ظلمة الليل، وما أتقن فيه من الصنع والتدبير؛ لمعازة⁣(⁣١) الدنيا، ومصالح الخليقة؛ وذلك قوله: {لتبتغوا فضلا من ربكم}، يعني: تصرفهم في طلب المعاش، وقوام الحياة.

  {ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا}: فهذا ما لا يخفى على أحد، من عدة الأيام والشهور والسنين؛ نعمة منه ø ورحمة؛ ليعرفوا الأوقات والمدد، والحساب والعدد، والصيام في وقته، والآجال المضروبة بينهم، في معاملاتهم وأحكامهم، وأعيادهم ونكاحهم، وجمعهم وديونهم، وأسفارهم ومزروعهم، والأسباب التي لا غنى عنها، ولا قوام لهم إلا بها.

  قوله: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا}، يعني بذلك: عمله الذي عمل في أيام حياته، من الخير والشر، فيجده محصى محكما مثبتا، لم يسقط منه صغيرة فتخفى، ولا كبيرة فتنسى، وذلك قوله ø: {يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا}، والمغادرة في لغة العرب هو: الأمر الذي لا يترك منه شيء قل أو كثر؛ قال الشاعر: قتلنا بالرجال فلم نغادر ... لهم بالدار من يحمي السواما


(١) هكذا في النسخة المنقول منها، ولعلها: «لعمارة الدنيا»؛ تأمَّل.