قوله تعالى: {كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران}
  الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع}؟
  قال محمد بن يحيى #: هذا غاية الوعيد من الله ø، لمن اتخذ دينه لعبا ولهوا، كما قال سبحانه: {فمهل الكافرين أمهلهم رويدا}[الطارق: ١٧]؛ فكان هذا وعيدا لهم، وتعريفا بجهلهم، ثم قال ø: {وغرتهم الحياة الدنيا}، والحياة فهي: هذه المهلة التي جعلها الله سبحانه لكل نفس متحركة، فاغتروا بالدنيا، ومالوا إلى الهوى، واتبعوا الجهل والردى، وآثروا العاجلة، على ما جعل الله ø لهم في الآخرة من العطاء، والفوز والجزاء.
  وقوله: {وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت}، يقول: أعذر وأنذر من قبل أن تبسل نفس، والإبسال فهي: كلمة عربية، يقول القائل لمن خالف أمره، ولم يقبل نصيحته، إذا وقع في البلاء: «بسلا، بسلا»، وهي من طريق التبكيت والتقريع، والخذلان والإفراد، يقول: أبسلوا؛ أي: أفردوا.
  · قوله تعالى: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ}[الأنعام: ٧١]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وسألت عن: قول الله سبحانه: {كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران}؟
  قال محمد بن يحيى #: هذا مثل ضربه الله ø لكل من عند عن الحق وتركه، من بعد الدعاء إليه والتبيين له؛ فكان حاله في جهله وعماه عن الحق، بعد إذ عاينه ورآه، كحال المستهوا في الأرض، والمستهوا فهو: المتحير الضال في الأرض، الذاهب عن القصد، المائل عن الصدق، التارك للحق، من بعد أن شرع له الدين، وأبانه الله ø لجميع العالمين، والشيطان فقد يكون من الجن والإنس، وهم المغوون المفسدون المجترئون.