قوله تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة}
  قال: كيف يستعان بالله، وما يقول المستعين؟
  قيل له: الاستعانة بالله هي: العمل لا المقال، من كل مستعين من النساء والرجال، والاستعانة بالله هي: العمل بطاعة الله، والأمر بأمره، والنهي عن نهيه، والوقوف عن معاصيه؛ فمن عمل ذلك من الناس فقد استعان بالله الواحد الرحمن؛ وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}[النحل: ١٢٨]، ومن كان الله معه فقد قهر أمره وقوي، ومن لم يكن الله معه فقد عجز في أموره وغوي، والله سبحانه فلا يكون إلا مع من ذكر من المتقين المحسنين، وإذا لم يكن إلا مع المتقين، فهو - لا شك - خاذل للفاسقين، ومن خذله الله فقد هلك وهوى، ومن وفقه الله وأعانه قهر أمره؛ ألا ترى كيف يدل آخر الآية التي سألت عن تفسير أولها على جميع ما عليه سألت منها، حين يقول: {والعاقبة للمتقين}، فأخبرهم سبحانه أن استعانتهم به لا تنجح إلا للمتقين، وفي هذا دليل لمن عقل وفهم، واستضاء بنور كتاب الله، فعمل على ما قلنا به من تفسير الآية وشرحنا.
  · قوله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}[الأعراف: ١٤٢]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وهذا من كلام العرب صحيح معروف، يقول القائل إذا أراد يقول: «وعدتك ثلاثين ليلة»، فيقول: «وعدتك خمس عشرة وخمس عشرة»، ويقول: «وعدتك عشرا وعشرا وعشرا»، وذلك كله يكمل الثلاثين، سواء عليه قالها أعشارا، أو قالها مجتمعة.
  ولما قال الله سبحانه: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة}، ثم قال: {وأتممناها بعشر}، فقد تم الميعاد أربعين، سواء قال: «أتممناها بعشر»، أو قال: «أربعين»