قوله تعالى: {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون 111}
  القائلين: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}[محمد: ١٧]، فأخبر سبحانه أنه ولي للمتقين، مجانب خاذل للفاسقين، وكذلك قال سبحانه رب العالمين: {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم}[محمد: ١١]، يريد سبحانه: أنه ولي الذين آمنوا، والمتولي في كل الأسباب لهم، وأنه الخاذل للكافرين، والتارك لتأييدهم، الرافض لتوفيقهم وتسديدهم؛ ألا ترى كيف يقول ويخبر بتأييده، وصنعه وتسديده، ولطفه للمؤمنين، وتخليته بين المؤمنين والكافرين ومن أطغاهم من الطاغوت، والطواغيت فهم: الذين أجابوهم إلى دعائهم، واتبعوهم في أهوائهم، من مستجني الشياطين، وأبالسة الإنس الملاعين، الذين أطغوهم واستهووهم في الردى والطغيان، ومنوهم مع الإقامة على ذلك من الله الغفران؛ قال الله سبحانه: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات}[البقرة: ٢٥٧].
  · قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ١١١}[الأنعام: ١١١]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم #:
  قوله سبحانه: {إلا أن يشاء الله} إنما هو: خبر عن قدرته عليهم، وقوة سلطانه تبارك وتعالى فيهم، ولو أنه شاء لمنعهم من المعصية، فكانوا به مؤمنين؛ إذ كان الايمان عندنا إنما هو أمان من عصيان العاصين؛ ومن منعه الله من المعصية جبرا فمأمون عصيانه، وإذن كان الاحسان في ذلك المنع إحسان الله لا إحسانه، وكان فيما منع منه من المعصية غير مطيع لله، ولا مستوجب لثواب من الله؛ إذ منع من المعصية بجبر، وحمل على الايمان منه بقسر.