قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم 12}
  المراد به: أنه تعالى محيط بكل مكان علما وقدرة، فكأن ذاته في كل مكان؛ ومتى كانت هذه الآية وما شابهها محتملة لما ذكرناه من التأويل، ومطابقة في ذلك دلالة العقول، ومحكم الآيات، غير خارجة عن اللغة العربية، والقرآن نزل عليها، فيجب أن تحمل على ذلك؛ لتتفق الأدلة، وينزه الصانع عن صفات النقص.
  · قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٢}[المجادلة: ١٢]
  قال في كتاب حقائق المعرفة للإمام أحمد بن سليمان #:
  مما نسخ قول الله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم}، وسبب نزول هذه الآية أن المسلمين أكثروا النجوى، حتى أضر ذلك برسول الله ÷، فأراد الله أن يخفف عنه، فأنزل هذه الآية، فامتنع كثير من الناس من المناجاة، وروي عن أمير المؤمنين # أنه قال: «إن في كتاب الله لآية وفرضا ما عمل بهما أحد غيري، ولا يعمل بهما أحد بعدي: لما أنزل الله: {ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم}؛ كان معي دينار فصرفته، فكنت كلما أردت أن أناجي رسول الله ÷ تصدقت بدرهم، فلم يفرغ الدينار حتى نسخت الآية الكريمة». فنسخها الله بقوله: {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون}[المجادلة: ١٣].