تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري}

صفحة 269 - الجزء 2

  كل إنسان مشغول بنفسه في الموقف ويوم الحساب؛ قال الله تعالى: {يوم يفر المرء من أخيه ٣٤ وأمه وأبيه ٣٥ وصاحبته وبنيه ٣٦ لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ٣٧}⁣[عبس: ٣٤ - ٣٧]، فأما في الجنة فإنهم يتساءلون؛ قال الله تعالى: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ٢٥ قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ٢٦ فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم ٢٧ إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم ٢٨}⁣[الطور: ٢٥ - ٢٨]. وكذلك أيضا أهل النار يتساءلون في النار: {قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ٢٨ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ٢٩ وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين ٣٠}⁣[الصافات: ٢٨ - ٣٠]؛ فصح أن المراد به: ولا يتساءلون في الموقف، ولا أنساب بينهم نافعة لهم.

  · قوله تعالى: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي}⁣[المؤمنون: ١١٠]

  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم بن إبراهيم #:

  قوله ø: {فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكرى}.

  قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: معناه: هزؤا؛ لأنهم كانوا يسخرون ويهزؤون بالأنبياء $ والمؤمنين، فيما يدعونهم إليه من أمر الله والحق والدين، فلما كثر أذاهم لهم، وهزؤهم وسخريتهم بهم - أمسك بعض الإمساك عن تذكيرهم؛ لما بلغ منه من الأذى ببهزئهم، وما نالهم من شرهم؛ قال سبحانه: {حتى أنسوكم ذكرى}، ومعنى: {أنسوكم ذكرى}: تركوكم من التذكرة؛ لشدة سخريتكم واستهزائكم.