قوله تعالى: {أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور 40}
  وقد يخرج معنى قوله: {بغير حساب} على معنى آخر: رزقه فيمن يرزق من عباده ليس من شيء عنده مجموع، معد لذلك مصنوع، يخرج منه أجزاء محسوبة من أجزاء، أو تبقى منه أجزاء فاضلة عن أجزاء؛ فأخبر: أن رزقه من سعة لا تحصى، وأنه إذا شاء أن يعطي عباده أعطى؛ ولو كان يرزق من شيء مجموع - لكانت أرزاقه تنقص؛ إذ أصلها الذي يخرجها منه ينقص بخروجها عنه؛ فتبارك الله رب العالمين، وتقدس أكرم الأكرمين.
  · قوله تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ٤٠}[النور: ٤٠]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم بن إبراهيم #:
  هكذا صفة قلوب العاصين من عباده: قد صارت في الظلم؛ لرين الذنوب على القلوب، وتراكم القسوة عليها؛ لاستسلامهم إلى قبول ما يلقي إليهم عدوهم، وإيثارهم الانقطاع إليه في القبول عنه، دون خالقهم؛ فنسأل الله حسن معونته، وأن يكفينا عداوته؛ إنه منان كريم.
  وقال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:
  وسألت عن: قول الله سبحانه: {ومن لم يجعل الله نورا فماله من نور}؟
  النور هاهنا فهو: زيادة الله للمهتدين هدى في هداهم، وما يؤتيهم الله سبحانه من تقواهم؛ فأخبر سبحانه: أن من لم يقبل الهدى المبتدأ - لم يجعل له نورا بزيادة في الهدى؛ فالذين لم يجعل الله لهم نورا فهم: الذين لم يقبلوا هدى الله ودينه، وهم