قوله تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما 129}
  كانت الجاهلية لا يؤتون الصبيان من الميراث شيئا، وكانوا يفعلون ذلك قبل نزول حكم الميراث وفرضه؛ فقال سبحانه: {اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن}، يقول: تمنعوهن حقهن؛ لصغرهن، {والمستضعفين من الولدان} فهم: الصبيان من الذكور والإناث، الذين في أيدي الأوصياء وغيرهم من الأقارب؛ والصبي: فلا يزال يتيما حتى يبلغ، ثم يخرج من حد اليتيم، ويجب على الوصي إن أنس منه رشدا، والرشد فهو: الصلاح والعقل والمعرفة؛ فإذا بان ذلك للوصي سلم ما في يده إليه، وأشهد عند ذلك عليه، وما لم يبن منه رشد فلا يجب دفعه إليه؛ بل الحضر واجب عليه. ثم قال: {وأن تقوموا لليتامى بالقسط}، والقسط فهو: العدل في أموالهم، والحفظ في أنفسهم، ثم قال: {وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما}، يريد ø: أنكم ما فعلتم إليهم من خير، أو أنلتموهم {إن الله كان به}، يقول: عليه مطلعا، ولكم فيه مكافيا.
  وقد قيل: إن معنى {ترغبون أن تنكحوهن} أي: تريدون نكاحهن، والقول الأول أصوب عندنا؛ لأن معنى {ترغبون أن تنكحوهن}، أي تزهدون فيهن؛ وذلك في كتاب الله موجود في قوله: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه}[البقرة: ١٣٠]، فصارت الرغبة: كراهية، وقد تكون في موضع آخر من: طريق المحبة؛ فأما في هذا فليس إلا من طريق الزهد والكراهية، وذلك صحيح في اللغة.
  · قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ١٢٩}[النساء: ١٢٩]
  قال في كتاب الأحكام بعد ذكره للآية: