قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات}
  المسألة الحادية والأربعون: عن قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها}، والمعنى في ذلك: أن الكفار ومن ينكر الحكيم ينفي عنه سبحانه خلق المنفرات، كالثنوية ومن يقول بقولهم، فبين سبحانه أن ذلك خلقه، وأنه لا يستحي من التمثيل بالبعوضة؛ لأن فيها من أنواع الخلقة، والتوصيل والتفصيل - [ما] لا يقدر عليه إلا القادر لذاته ومن تجب عبادته.
  وقال # في موضع آخر:
  {يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا} معناه: يعذب به كثيرا، ويثيب به كثيرا، وكذلك يكون الحال في الآخرة؛ وإنما يعذبهم بذنوبهم، كما قال تعالى: {فكلا أخذنا بذنبه}[العنكبوت: ٤٠]، ويثيبهم على أفعالهم، كما قال تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}[الرحمن: ٦٠].
  · قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}[البقرة: ٢٩]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات}، فقلت: كيف ذكر سماء واحدة، ثم ذكرهن جماعة؟
  قال محمد بن يحيى #: معنى {استوى} هو: رجوع حكمته سبحانه، وإرادته لخلق السماء من بعد ما كان من إنفاذ أمره في الأرض؛ والسماء فمعناها هو: ما سما وارتفع؛ لأن العرب تسمى كل شيء استقل سماء، فلما أن سما الدخان وعلا في الهوى - كان مختلطا عاليا، فخلق الله منه السماوات؛ فأولا: كان دخانا ساميا، فقيل: سما؛ لعلوه. وأخرا: مخلوقا منه السماوات بإرادة الله سبحانه وتقديره، وما أبان فيه من أثر صنعه وتيسيره؛ فتبارك الله أحسن الخالقين، الذي لا يمتنع عليه شيء أراده، المكون لما شاء، عز وتعالى علوا كبيرا.