قوله تعالى: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم 188}
  القرار؛ قال سبحانه: {لابثين فيها أحقابا}، وقال: {خالدين فيها ما دامت السموات والأرض}، وقال سبحانه: {وما هم منها بمخرجين}، وقال: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون}؛ فأين - يرحمك الله - ما ذكرت من خلاصهم، مع ما ذكر الله سبحانه وأخبر من دوام حسرتهم، وطول مقامهم في طبقات النيران، ماكثون في الخزي والهوان، {لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور}، غير خارجين من أليم العذاب، ماكثون فيه طول الأبد، إلى غاية لا تبيد ولا تنفد.
  · قوله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ١٨٨}[آل عمران: ١٨٨]
  قال في مجموع المرتضى بن الهادي @:
  وسألت: عن قول الله سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم}؟
  قال محمد بن يحيى #: معنى {يفرحون بما أتوا} فهو: فرحهم بما ارتكبوا وأتوا، من الجرأة على خاتم النبيين، والطعن على المؤمنين، مع قبيح فعلهم، ومستسمج سيرتهم؛ فكانوا يستحسنون ذلك من أنفسهم، ويرونه جائزا عندهم؛ لشرارتهم وشدة كفرهم، وبعدهم من الله وعنادهم، والفرح منهم فهو: أشر وازدهاء، وتبع للمعصية والهوى، كفرح قارون إذ يقول له قومه: {لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين}، وإنما كان فرحه جرأة وأشرا، ومعصية لله وتمردا. وهذه الآية فنزلت في اليهود؛ ذما لهم فيما كانوا يأتون، من الجرأة على الله سبحانه