تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون 39 وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين 40}

صفحة 483 - الجزء 2

  إلى قوله: {إنه لا يحب الظالمين

  فقال: معنى قوله: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} يقول: والذين إذا أصابهم الظلم في دينهم لم يقروا به، وانتصروا ممن بغى في دينهم، أو في أموالهم، أو في دمائهم، حتى يثبتوا الحق، ويزيلوا الباطل؛ فأخبر: أن نبيه لم يثبت باطلا، ولم يترك حقا. وأما قوله: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} فذلك في: ما يجوز المكافأة به من السيئات، لا في شيء من المحرمات، وإنما ذلك في: القتل والجراح والمال؛ فيجوز أن يكافأ من فعل شيئا من ذلك بمثل ما فعل، فأما في ما لا يجوز فعله، مثل ظلم بريء، أو فعل فاحشة يأتيها فاسق دنيء إلى حرمة مسلم، فلا يجوز للمسلم أن يأتي مثل ذلك في بريء ولا حرمة؛ فافهم الفرق بين هذين المعنيين، وقف على وجه هاتين الحالتين.

  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:

  وسألت عن: قول الله سبحانه: {إذا أصابهم البغي هم ينتصرون

  قال محمد بن يحيى ¥: البغي فهو: في الدين، يجب على المسلمين أن يحاموا عن دينهم، ويجاهدوا مع الأئمة على إقامة أحكام الكتاب وإظهار السنة؛ لأن من بغى على الله ø، وعلى رسوله، وعلى ما افترض من دينه - فقد أوجب الله ø قتله وقتاله؛ ومن البغي أيضا: الظلم والتعدي، مثل: قوم يعمشون⁣(⁣١) قوما يريدون أخذ أموالهم، وهتك حريمهم، فقد جعل الله ø لهم السبيل إلى الدفع عن أنفسهم، والقتال للباغي عليهم، وقد ذكر الله ø في كتابه، فقال سبحانه: {فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}⁣[الحجرات: ٩]، وكل من بغى وظلم فقد جعل الله سبحانه السبيل إلى الانتصار منه بما أنزل سبحانه من حكمه، ففي ما حكم الله


(١) كذا في النسخة المنقول منها، ولعل الصواب: يغشون. (جامعُهُ)