قوله تعالى: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا}
  الخيول، حلالا كان أو حراما، فقد أذهب طيبات الآخرة، بما أطلق لنفسه من استعمال طيبات الدنيا؟
  فأما الكافر وأسبابه - فقد استغنينا عن الفتش في أمره، بما قد وجدنا من حاله، كثرت دنياه أو قلت، فمصيره إلى النار. وأما المؤمن به، والعامل بطاعة خالقه، المتحري في أمره، لما أمره به خالقه - فكيف تكون تلك حاله، وإنما جعل الله الطيبات للمؤمنين خاصة دون الفاسقين؟! فقال في كتابه ø لأنبيائه $: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا}[المؤمنون: ٥١]، وقال في كتابه: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة}[الأعراف: ٣٢]، ومعناها: ويوم القيامة، وقال في كتابه: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين}[المائدة: ٩٣]، فلم يجعل الله سبحانه على المؤمنين حرجا في شيء مما رزقهم، إذ أخذوه على ما جعل لهم وأمرهم به، فساروا فيه بطاعة الله، ولم يتعدوا إلى شيء مما يسخط الله؛ لأن الله ø - أيها السائل - لم يجعل ما في هذه الدنيا من خيرها ومراكبها التي خلقها لشرار أهلها، ولا لمن عند عن طاعة خالقها، وإنما جعلها الله للصالحين، ولعباده المتقين، يأمرون فيها بأمره، وينهون فيها عن نهيه، ويقيمون أحكامه فيها، منفذون لأمره عليها، فللطاعة والمطيعين خلقها رب العالمين، ثم أمرهم ونهاهم، وبصرهم غيهم وهداهم، وجعل لهم الاستطاعة إلى طاعة مولاهم؛ {ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم}[الأنفال: ٤٢].
  وإنما معنى الآية وقول الله: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا} - فتبكيت منه سبحانه لأهل النار، وتوقيف على تفريطهم في طاعة ربهم. ومعنى {أذهبتم طيباتكم} أي: تركتم ومحقتم وعطلتم ما جعل الله لكم بالطاعة، من النعيم