قوله تعالى: {وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله}
  إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين}؟
  فقال: هذا ذم من الله سبحانه لمن من على رسول الله صلى الله عليه وآله بالطاعة والمعاونة، والقيام فيما أوجب الله عليه؛ فأخبر الله سبحانه: أن من يمن بطاعة رسول الله، أو بالدخول في طاعته، والقيام بواجب فرض الله - مخطئ في فعله، عاص لربه، منقص لدينه، غير شاكر لنعمة خالقه. ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله: أن يبين لمن كان كذلك، أو فعل شيئا من ذلك، فيعلمه أنه ليس على رسوله له في إسلامه منة، فإنه لم يفعل في ذلك إليه حسنة. ثم أخبر: أن المنة على من فعل ذلك لله ولرسوله؛ إذ هداه إلى النجاة، وخلصه من الهلكة، حتى صار من أهل الجنان، بعد أن كان من حطب النيران، وحتى صار برحمة الله ومنته لله وليا، مستوجبا لثوابه، بعد أن كان لله حربا عدوا، مستأهلا لعقابه. ثم قال: {بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين}، أي: إن كنتم صادقين في أنكم مؤمنين، وفيما تدعون من الإخلاص - فاقروا بما قلنا، واخضعوا لحقنا، فإن لم تقروا بذلك وتخضعوا - فلستم بصادقين فيما تدعون من الإيمان، وتنسبون إليه أنفسكم من الإخلاص للرحمن. وهذه الآية نزلت في بعض من كان مع النبي صلى الله عليه وآله، من كبار قريش، كان عتب عليه النبي في بعض أفعاله، ومن على النبي بإسلامه، وإتباعه له، وقيامه معه، ونصره له؛ فأنزل الله ø فيه ما تسمع، وأوقع عليه في ذلك من الذم ما أوقع.