تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا 15 وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا 16}

صفحة 241 - الجزء 3

  وقال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:

  وإن سأل فقال: خبرونا عن قول الله سبحانه: {ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا ١٥ وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ١٦}، فقال: ما معنى قوله: ترون، ونحن لم نر؟

  قيل له: إن القرآن عربي، وإنما خاطب الله العرب بلغاتها، وهذا عند العرب أحسن لغاتها، وأتم قالاتها، تقيم: «ترى» مقام: «أخبرك»، ومقام: «أعلم»، يقول العربي لصاحبه إذا أراد أن يعلمه شيئا: «أما رأيت إلى فلان عمل كذا وكذا».

  فإن قال: كيف يكون القمر والشمس في السموات، وإنما هو دون الأولى منهن، وقد ترون إلى تميز كل سماء، وتميز التي فوقها: مثل ما بين الأرض وسماء الدنيا؛ فكيف يكون فيهن، أو ينالهن كلهن، وأنتم لو سترتم دونه ثوبا لم تروه، ولو دخلتم بيننا لم تعاينوه؟

  قيل له: هذا أحسن ما تكلم به العرب، مثل ذلك وأوضحه، وأبينه وأوجزه؛ ألا ترى أن العرب تقول للجماعة إذا كان فيها عالم، أو لأهل البيت الكبير: «في بني فلان علم وخير، وعدد بني فلان كثير»، ولذلك تقول العرب «بالعراق فسق كثير، وبالحجاز جور شديد»، وليس الفجور في جميع كله، سهله ولا جبله؛ ولعل ذلك إنما هو جانب من قراها، أو في قرية واحدة منه، فنسب ذلك إذ كانت القرية فيه، فعلى ذلك نسب الله القمر إلى السماوات، وإن كانت واحدة؛ لأنها منها، وفي ذلك ما تقول العرب: «إن في بني فلان لجمالا بارعا»، وليس في كلهم جمال، وإنما هو في بعضهم.