سورة المرسلات
  منكم ومن غيركم بتكذيبهم، وفسقهم وجحدانهم، للحق الذي جاء من ربهم.
  ثم أخبر سبحانه: أن ذلك كله فعله في المجرمين، وفي كل من تمرد برب العالمين، فقال: {كذلك نفعل بالمجرمين ١٨}.
  ذكر الوعيد للمكذبين، والإخبار عما يلقونه من الويل في ذلك اليوم، والويل هو: البلاء الوبيل، والعذاب الطويل، فقال: {ويل يومئذ للمكذبين ١٩ ألم نخلقكم من ماء مهين ٢٠}، والمهين فهو: القليل اليسير، الذليل الضعيف الحقير.
  {فجعلناه في قرار مكين ٢١}، والقرار المكين فهو: موضع قرار الماء من الرحم، وسمي قرارا: لقرار ما فيه، وقراره فهو: ثبوته فيه، ولزومه له. و {مكين} فهو: متمكن ثابت، حصين محصن.
  {إلى قدر معلوم ٢٢}، يريد: إلى وقت معلوم، والمعلوم فهو: المفهوم عند الله، والمفهوم عند الله فهو: الأجل الذي أجله في المقام في الرحم، من قليل من الأشهر أو كثير.
  {فقدرنا فنعم القادرون ٢٣}، يريد بقوله: {فقدرنا} يقول: فقدرنا على جعل النطفة في القرار المكين، وإنشائها في الرحم، إلى وقت خروجها المعلوم. {فنعم القادرون ٢٣}، معنى {نعم}: تعظيم القدرة، وإخبار عن جليل النعمة؛ وهذه كلمة تقولها العرب: إذا مدحت شيئا، وأثنت عليه - قالت: «نعم الرجل، ونعم الفرس، نعم الشيء»، تريد بذلك: ما أكمله، وأبين فضله، وأظهر خيره؛ فأخبر الله ﷻ «أنه أفضل بقوله: {نعم القادرون}، أي: أننا أفضل القادرين، وأعظمهم قدرة.
  ثم ذكر الوعيد للمكذبين، فقال: {ويل يومئذ للمكذبين ٢٤ ألم نجعل الأرض كفاتا ٢٥ أحياء وأمواتا ٢٦ وجعلنا فيها رواسي شامخات