تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فقال أنا ربكم الأعلى 24}

صفحة 354 - الجزء 3

  والسحائب أيضا فهن {ـالمدبرات} بما جعل الله من الغيث فيهن والأعاجيب، لكل ذي حكمة أو نظر مصيب، وغيرها إلى يوم يحشرون، وكذلك البرزخ الذي جعله بين البحرين شارعا، فهو المحبس الذي جعله الله حاجزا بينهما مانعا؛ لكي لا يختلط البحر العذب السائغ للشاربين، بالبحر المالح الأجاج الذي لا يطيق شربه أحد من الناس أجمعين؛ رحمة منه جل ثناؤه للإنسان، وغيره من بهائم الحيوان، كما قال سبحانه: {ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا}⁣[الفرقان: ٤٩]؛ رأفة ورحمة في ذلك للإنسان وغيره، وقدرة على إحكام أمره فيهما وتقديره.

  · قوله تعالى: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ٢٤}⁣[النازعات: ٢٤]

  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم #:

  إنما تأويل قول فرعون: {أنا ربكم الأعلى}: أنا سيدكم ومليككم، لا ما قال موسى. ولم يرد: أنا لكم رب خلاق، ولا أنا لكم إله رزاق؛ لأن كل رب في لسان العرب فسيد ومليك، ولا سيما إذا كان وليس له عند نفسه فيما ملك شريك؛ أولا تسمع يا بني وترى: أنه لم يزعم أنه رب لغيرهم من أهل القرى، التي لا ملك له عليها، ولا سلطان له فيها؛ فلما لم يوقن بغيره، ولم يستدل على الله بتدبيره، وكذب من الله بما لم تره عيناه، وكان كل من صدقه مثله، لا يوقن إلا بما عاينه ورآه، وما كان لذلك مثلا ونظيرا - قال: أنا ربكم ومليككم، ولم يدع لهم صنعا ولا تدبيرا؛ صغرا منه وتضاؤلا عن تلك ودعواها، فلما صغر عنها وتضاءل - كان ادعاؤه لسواها، مما يدخل به وفيه غلط وامتراء، وما يمكن في مثله له عندهم الادعاء؛ ولو ادعى فيهم خلقا، أو انتحل لهم رزقا - لما اعترتهم في كذبه مع تلك مرية، ولا أعمتهم من الشبهة في أمره معمية؛ ولكنهم لما لم يوقنوا بالله وتدبيره، ولم يقروا إلا بما رأوا مثله من فرعون وغيره، وأنكروا ما لم