قوله تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون 14}
  وهذا تفسير السورة كاملة للإمام محمد بن القاسم بن إبراهيم #:
  
  {ويل للمطففين ١}، والمطففون هم: الذين لا يوفون، وينقصون عن الوفاء فيما يعطون، والتطفيف: النقصان عن بلوغ ما يحمله المكيال والميزان، والإيفاء: فإعطاء المكيال ما حمل، وهو في الوزن شبيه بالرجحان.
  والمطففون كما قال الله سبحانه: {الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ٢ وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ٣}، يقول تبارك وتعالى: إذا أخذوا من الناس واكتالوا عليهم - والاكتيال هو: الاكتيال منهم - اجتهدوا في الحمل على المكيال لما حمل فاستوفوا، فإذا كالوهم أو وزنوهم أخسروا ما أمكنهم وطففوا؛ أمرا من الله بالوفاء، ونهيا لكل كائل أو وازن أن يكون مخسرا مطففا؛ إذ لا يحب ولا يرضى إلا العدل والوفاء، وأن يكون كل امرئ من الآخذين والمعطين لصاحبه منصفا. وقد يكون ما نهى عنه سبحانه في هذه، من الإخسار في الكيل والوزن والتطفيف: أمرا منه تعالى بالوفاء في كل ما يتعامل الناس به في الكيل والوزن وغيرهما، وتعريفا لمن طفف وأخسر في كل ما أوجب الله فيه الإنصاف، من كل ما سخط من ذلك، ويكون تحذيرا للعقاب بما ذكر من الويل لهم الذي هو ثقيل العذاب.
  ثم قال سبحانه لهم مهددا ومحذرا، ليوم البعث والدين متوعدا: {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ٤ ليوم عظيم ٥ يوم يقوم الناس لرب العالمين ٦ كلا إن كتاب الفجار لفي سجين ٧ وما أدراك ما سجين ٨ كتاب مرقوم ٩ ويل يومئذ للمكذبين ١٠ الذين يكذبون بيوم الدين ١١}، فأعلمهم سبحانه: أنهم لو ظنوا ظنا - فضلا عن أن يكونوا موقنين -، فتوهموا أنهم