تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فإن مع العسر يسرا 5 إن مع العسر يسرا 6}

صفحة 443 - الجزء 3

  يزرون ٣١}⁣[الأنعام]، وقال سبحانه: {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم}⁣[العنكبوت: ١٣]، يريد سبحانه: ما حملوه من كفرهم وفجورهم، وليس يريد بذلك: حمل أحمال، ولا ما يحمل على الظهور من الأثقال؛ وإنما هو مثل يضرب من الأمثال، مما كانت تضربه وتمثله العرب. وكذلك ما ذكره الله من الشرح لصدر نبيه، وما نزل في ذلك من وحيه؛ فذكره سبحانه لما ذكر من إنقاض الوزر لظهره، وما وضع سبحانه لما ذكر من وزره - فإنما هو تمثيل، وبيان ودليل، فليس يريد بشرح الصدر، ولا ما ذكر من الحمل على الظهر: شرح شيء يقطعه، ولا حمل ثقيل يضعه. وما حمل رسول الله ÷ من وزر على ظهره؛ وذلك فلا يكون إلا من زلل أو خطيئة في أمره. ووضع الله لذلك عنه فهو: حطة لما أثقله منه، وحط الذنب: فعفوه ومغفرته؛ وقد غفر الله لرسوله ذنبه كله وخطيئته، كما قال سبحانه له ~: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ١ ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما ٢ وينصرك الله نصرا عزيزا ٣}⁣[الفتح].

  وتأويل {ورفعنا لك ذكرك ٤} فهو: رفعه لذكره، بما أبقى في الغابرين إلى فناء الدنيا، من أمره وقدره، ومن ذلك النداء في كل صلاة باسمه، وما جعل من الشرف به لقومه، فضلا عما من به على ذريته وولده، ومن يشركه في الأقرب من نسبه ومحتده؛ فنحمد الله الذي رفع ذكره، وشرف أمره.

  ثم أخبر سبحانه في السورة نفسها، من أخبار غيوبه خبرا مكررا، فقال تبارك وتعالى: {فإن مع العسر يسرا ٥ إن مع العسر يسرا ٦}، فبشره بأن له مع عسره يسرا في دنياه، وأن له مع ذلك يسرا لا يفنى في آخرته.

  ثم أمره سبحانه إذا هو فرغ من أشغاله، ومما يقاسي به في هذه الدنيا من عسر أحواله، فقال ø: {فإذا فرغت فانصب ٧ وإلى ربك فارغب ٨}، والنصب فهو: الاجتهاد، والجد والاحتفاد، كما يقال: «اللهم لك نصلي