تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون 83}

صفحة 170 - الجزء 1

  المركبة فيه، والشاهدة بالحق له وعليه، من اللب الذي ينال به التمييز بين كل شيئين، ويثبت له به الرضى والسخط في الحالين، فمن أنصف لبه، وقبل ما أدى إليه معقوله من معرفة ربه - كان منصفا طائعا، متحريا للحق خاضعا. والمكره فهو: من كفر وتعدى، وكابر لبه وأبى، وعند عن الحق وأساء، حتى [إذا] أدركه البلاء، واشتد عليه الشقاء، ونزلت به النوازل، واغتالته في ذلك الغوائل - رجع صاغرا إلى إنصاف لبه، ولجأ فيما ناله إلى ربه، واستسلم وأسلم له، كمن ذكر ذو الجلال، ممن تعدى في الغي والمقال، حين يقول ويخبر عنهم، ويقص ما كان من أخبارهم، حين يقول ويخبر عن فرعون، فقال: {حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين}⁣[يونس: ٩٠]، ومثل قوله: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون}⁣[العنكبوت: ٦٥]، ومثل قوله: {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون}⁣[الروم: ٣٣].

  وقال في مجموع المرتضى بن الهادي @:

  وسألت: عن قول الله سبحانه: {وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون

  قال محمد بن يحيى #: معنى أسلم فهو: استسلم لأمره، وانقاد لما قضى به من حكمه، ومعنى: {طوعا وكرها} فقد يخرج على ثلاثة وجوه:

  أحدها: أن يكونوا أطاعوا أمره مسرعين، كطاعة الملائكة المقربين، الذين لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وكطاعة الأنبياء À أجمعين.

  وقد يكون معنى كرها: كمثل من كان لله عاصيا، ولطاعته مجانبا، فيرجع إلى