قوله تعالى: {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}
  بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا}؟
  قال محمد بن يحيى #: هذا تأديب من الله ø لمن عرفه من المؤمنين، وسلم لحكمه من الصالحين: ألا يأخذوا مما آتوا النساء من مهورهن شيئا، وهذا فعل يفعله من لا معرفة له ولا تمييز، وهم الآن كثير إذا أبغض الرجل المرأة ضيق عليها، وأقبح في المعاشرة لها، وأضر بها واضطرها بسوء فعله، وشدة تعنته، إلى أن تفتدي منه بمهرها، فيأخذه ظلما وتعديا، ثم يتزوج به النساء، فيأكله حراما وسحتا؛ فنهى الله ø من استبدل زوجة مكان زوجة: ألا يضر بالأولى، ويسيء إليها، ولا يتجرم بظلم عليها؛ حتى يأخذ ما أعطاها؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض}؟!، والإفضاء فهو: الدخول عليها، والكشف لمحاسنها، ولما استتر من غيره من بدنها مع الدنو منها، فقد أفضى منها إلى أشياء أوجبت عليه مهرها، وحظرت عليه بحكم الله أخذه منها؛ فنهاهم الله من بعد ذلك عن الظلم والاعتداء، والتحيل بالباطل لطلب الفداء منهن، أو الاخذ لمهورهن، وما أوجبه الله سبحانه بحكمه لهن، ولا يجوز ولا يحل في حكم الله ذي الطول والإحسان: أن يأخذ المسلم مهر امرأته، إلا أن تكون كما قال الله سبحانه: {إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله}، فإذا كان منهما جميعا الظلم والتعدي، ولم يكونا متناصفين، ولا بما فرض الله عليهما في الصحبة بعاملين - جاز حينئذ الفداء والقبول.