تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء}

صفحة 223 - الجزء 1

  للمظالم عنهن، والإنكاح لهن بتوكيل الله لرجالهن عليهن؛ فإذا قد وكل الله سبحانه الرجال على النساء - فكيف يجوز لهن أن يقطعن أمرا بغير إذن وكيلهن؛ لو أن رجلا وكله أحدكم على شيء، ثم فعل فيه غيره فعلا لم يجز فعله - أولستم ترون أن الوصي الذي يوكله الميت على ولده وماله، فلا ينفذ شيء إلا بأمره، ولا يجوز فعله إلا بحكمه؟ فإذا كان هذا لا يجوز من أمر المخلوقين، فكيف أجازوه في حكم رب العالمين، والله يقول تبارك وتعالى: {الرجال قوامون على النساء}؟! فحكم سبحانه لهم بذلك عليهم، وأقامهم في أمورهن، وجعل النكاح في أيدي رجالهن، لا في أيديهن. ومن حكم الله ø: أن جعل إنكاحهن في أيدي الرجال؛ فلولا ذلك لهتكت الحرم، وظهرت الفواحش، وبطلت الأنساب، ولادعى كل دعوى في ذلك، ولجاز له في ذلك ما أحب من الأشياء، ولما عرف زان، ولا أقيم عليه في فعله هوان؛ وفي ذلك: ما لا اختلاف فيه عند جميع الخلق، وما لم يزل يعرف من سالف الدهر من حكم الله سبحانه للرجال بإنكاح النساء؛ وفي ذلك ما يقول ø، ويخبر عن شعيب، حين يقول لموسى صلى الله عليه: {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ...} الآية [القصص: ٢٧]، فلو كان عقد النكاح إلى النساء - لقال: «إن إحدى ابنتي تريد أن تنكحك على أن تأجرني ثماني حجج»، فلما قال: {إني أريد أن أنكحك}، كان عقد النكاح إليه، لا إليها.

  ومن ذلك: ما كان رسول الله ÷ يقول: «لا تردوا الأكفاء»، يأمر بذلك رجالهن، ولو كان الأمر إليهن لقال لا ترددن الأكفاء، وقد قال الله سبحانه: {فانكحوهن بإذن أهلهن}⁣[النساء: ٢٥]، وما قد أجمعت عليه الأمة بأسرها: أنه لم تنكح في عهد رسول الله صلى الله عليه امرأة إلا بإذن وليها، ولا سمعنا أحدا يذكر في سالف الدهر والأمم، ولا في عصر الأنبياء $، ولا في حكم من أحكام الكتب المنزلة: أن امرأة أطلق لها أن تنكح نفسها دون