قوله تعالى: {وحسن أولئك رفيقا 69}
  والخروج، فإن أصاب المسلمين مصيبة، كما قال الله ø - والمصيبة فهي: المحنة والنازلة -: {قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا}، والشهيد فهو: الحاضر؛ فهؤلاء ومثلهم المتربصون برسول الله صلى الله عليه وبالمؤمنين - قد ذكرهم الله ø، فقال: {ويتربصوا بكم الدوائر عليهم دائرة السوء}. وإن ظفر المؤمنون بعدوهم، وأصابوا غنائما، وفضلا ونعمة من الله وخيرا - كان منهم ما قد ذكر الله سبحانه عنهم، وأخبر به من قولهم: {ياليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما}[النساء: ٧٣].
  وهذا الإبطاء - الآن في الناس يفعلونه، ونراه منهم عيانا في الغزوات والجهاد؛ وإنما يكون ذلك ممن لا دين له ولا معرفة، يرى الجهاد مغرما، والسير فيه تعبا؛ لقلة العلم، ورداءة المعرفة.
  وقد يمكن: أن يقولوا هذا في الآخرة، عندما يرون من ثواب المؤمنين وعطائهم، وإحسان الله إليهم على ما كان من جهادهم، وسرعة نهوضهم في ما افترض الله عليهم، ثم يرى أهل التخلف والتثبط ما يصنع الله للمؤمنين، فيندمون على ما كان منهم، ويأسفون على تخلفهم، ويقولون: {يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما}، فيكون أسفهم على ما فاتهم من: غنائم المؤمنين التي نالوا؛ بجهاد الظالمين. فهذا وجه مما يصلح ويخرج في تفسيرها، والوجه الأول عندي هو مخرجها، إلا أني أستحب تخريج المسألة على وجهها، والشرح لما تخرج عليه من أبوابها.