تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما 92}

صفحة 256 - الجزء 1

  مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة}⁣[النساء: ٩٢]، قال: «فسماه ø مؤمنا، مع أنه من قوم عدو لنا، وأوجب على قتله الكفارة دون الدية، وهذا إذا قتله وهو يظن أنه كافر»، إلى آخر قوله: «ولا شك أن حكمه ذلك».

  فإن كان المؤمن المقتول خطأ من قوم مؤمنين دفعت الدية إلى أهله، وإن كان من قوم عدو لنا وهم الكفار فعلينا فيه تحرير رقبة، ولا دية؛ لأن أهله لا يستحقون علينا الدم؛ لمكان جرمهم؛ والتعليل: أنه قتل وهو يظن أنه كافر، فقتل الخطأ لا تنحصر صوره؛ ولكن حكمه هذا متى وقع.

  فأما قوله: «ولا يعقل من هذا إلا أنه مؤمن بين كفار؛ إذ لو كان مؤمنا بين مؤمنين لوجب على من قتله القصاص إن كان القتل عمدا، أو الدية والكفارة إن كان خطأ بالإجماع، وهذا مقصود إيراده، وما بعده فرع عليه».

  والكلام في ذلك: أما قوله: «إنه لا يعقل إلا أنه مؤمن بين كفار»، فهذا لا يتوجه الكلام على هذه الصورة؛ بل إن قتل خطأ وورثته من أعدائنا فلا يلزمنا نسلم الدية إليهم؛ لكفرهم، والدية لا تكون إلا إلى ولي المقتول، وذلك لا يوجب أن يكون مؤمنا بين كفار، وإن قطع [على] أنه بين كفار فهو معذور؛ لئلا تتناقض الأدلة، فعندنا: أنه يجوز أن يكون المؤمن مؤمنا، مع كونه بين الكفار، إن كان معذورا أو ممنوعا.

  وأما أنهم أعداء، وغيرهم أعداء، فلا شك أن الحكم يختلف، فإن كان القوم أعداء فلا دية إليهم، وإن كان بيننا وبينهم ميثاق لزمتنا لهم الدية.