قوله تعالى: {ولا تكن للخائنين خصيما}
  سبحانه لهم، فأنتم أولى بذلك، وأحق به؛ إذ أنتم أهل الثواب الكريم، والمحل عند الله العظيم؛ فكان هذا تثبيتا من الله لنيات المؤمنين، وتقوية منه سبحانه لعزائم المتقين، أهل الصدق واليقين، والطاعة لرب العالمين.
  · قوله تعالى: {وَلاَ تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}[النساء: ١٠٥]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {ولا تكن للخائنين خصيما}؟
  قال محمد بن يحيى #: أراد الله ø: إكرام نبيه وتعظيمه، من بعد إقامة الحجة على أهل الشرك من أهل الكتاب: ألا يكون لهم خصيما في ما قد بان لهم من الحق، وعرفوه معه - صلى الله عليه - من الصدق، ووجدوه في كتبهم، وثبت في عقولهم، وهم يجادلون في الحق بعد ما تبين؛ مضادة لله ولرسوله؛ فأمره الله: ألا يكون لهم خصيما من بعد ذلك، وأن يحكم بما أراه الله من الحق، وينفذه عليهم وعلى غيرهم وهم كارهون.
  وقد ذكر ذلك ø، فقال: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم}[المائدة: ٤٩]؛ فأمر الله سبحانه: أن يحكم بينهم بما أنزل الله؛ فكان صلى الله عليه ينفذ أحكام الله فيهم، ويمضيها - برغمهم - عليهم، وقال ø: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين}[الحجر: ٩٤]؛ فأمره أن يصدع بالحق، وما أنزل الله عليهم من الصدق، وأن يعرض عن مخاطبة الجاهلين، وأهل الزيغ المردة المعاندين.
  وقد قيل: إن هذه الآية في طعمة(١)؛ وذلك أنه سرق درعا لبعض أصحاب
(١) هو طعمة بن أُبَيْرِق، وعشيرته هم: بنو أبيرق.