قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون 11}
  الجاهلية، من المداناة والإحسان - أنه سيحابيهم، ويحكم بما ينجيهم كلهم؛ فحكم بأن يقتل رجالهم، وتسبى ذراريهم وحرمهم؛ وفي ذلك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات»، ففعل ذلك بهم، وأخزاهم الله وأهلكهم، وأبادهم وقتلهم؛ فكان إعلام الله ø لنبيه صلى الله عليه وآله بما اجتمعوا عليه، وعزموا وصاروا فيه وإليه؛ كفا لأيديهم، ونقضا لعزيمتهم، وإبطالا لتدبيرهم.
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وسألت: عن قول الله: {ياأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم}؟
  قال محمد بن يحيى #: القوم الذين أرادوا أن يبسطوا أيديهم فهم: بنو قريظة، وبنو النضير؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وقعت عليه الدية التي لزمت في الرجلين اللذين قتلهما المسلمون، وظنوا أنهما لم يسلما، وكانا ممن يطالبه المسلمون بالقتل، فقدما على رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلما، ثم خرجا، فقتلهما بالحرة من لم يعرفهما، ولم يقع عنده إيمانهما، فقتلا خطأ بلا تعمد ظلم ولا اجتراء؛ فخرج صلى الله عليه وآله يستعينهم في ديتهما، فرحبوا به ولقوه بأحسن لقاء، وقالوا: أقعد يا محمد حتى نأتيك. فقعد صلى الله عليه وآله، ومعه أنفار من أصحابه يسير، أقل من عشرة أو عشرة، ثم مضوا من عنده، فأزمعوا بقتله #، وتعاملوا على ذلك؛ فأنزل الله عليه جبريل @، فأخبره بخبرهم، وما يهمون به من مكرهم؛ فنهض صلى الله عليه وآله مسرعا، وكان الذي بينه وبين المدينة قريبا، ثم جاءوا يطلبونه في الموضع الذي تركوه فيه، فلم يجدوه، فأرسلوا إليه يعاتبونه في مضيه من قبل أن يأتوه؛ فأعلمهم صلى الله عليه وآله بما كان منهم وما أرادوا به، ونهض في حربهم من ساعته، فأذلهم الله وأخزاهم، وأباح عزهم وأرداهم، وكان من أمرهم ما قد وقفت عليه، فسلم الله نبيه من كيدهم