قوله تعالى: {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء}
  أن يقال: إن الله أغرى بينهم العداوة؛ بكل ضلال قالوا، فنسب المسيح منهم قوم إلى: أنه رب، ونسبه قوم آخرون إلى أنه: ابن للرب، وقال آخرون بما قال في نفسه: إنه عبد الله، حين أخبر عنه بقوله، حين أشارت إليه أمه، قال الله جل ثناؤه: {فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ٢٩ قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ٣٠ وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا}[مريم: ٢٩ - ٣١]؛ فلما أن اختلفوا، وعلى الحق لم يأتلفوا: كفر بعضهم بعضا، وبرئ فاسق من منافق، ومنافق من فاسق، وخذلهم الله فيه، ولعنهم سبحانه عليه - غريت بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة. فلما كان ø الذي خذلهم فضلوا، وتركهم فهلكوا، قال: {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة}، وهذا - ولله الحمد - مشهور، في اللسان معروف. تم جواب مسألته.
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة}؟
  قال محمد بن يحيى #: معنى أغرينا: أي خذلنا، وتركناهم من التوفيق والتسديد؛ لما كان من معصيتهم، وتركهم لما أمروا به من عظيم طاعة خالقهم، فلما أن خذلهم ضلوا عن رشدهم، ووقع البلاء بينهم، والبغضاء في قلوبهم، كما قال ربنا تبارك وتعالى: {إنما نملي لهم}[آل عمران: ١٧٨]، يريد بالإملاء: الترك والخذلان، فدام ذلك فيهم، وفي أولادهم وعقبهم إلى يوم القيامة؛ بما اكتسبوا لأنفسهم، واجتلبوه من الخذلان على فعلهم.