قوله تعالى: {لا علم لنا إلا ما علمتنا}
  خلقهم، ورفض إظهار الحكمة فيهم، وما أراد الله سبحانه من الصنعة، وإيجاد البرية، وإظهار القدرة؛ لاختيارهم الردى، وميلهم عن طريق الهدى؛ فأهلكوا أنفسهم، واتبعوا أهواء قلوبهم، ومالوا عن قصد سبيل خالقهم؛ اختيارا منهم للمعصية، وكفرا للنعم، وتعرضا لما أعد الله لمن خالفه من النقم. ونجا المؤمنون، الذين صدقوا الله ورسله، وعملوا بطاعته، واتبعوا أمره؛ فوصلوا بذلك إلى الجنان، وأتوا إلى الرضى والرضوان؛ بمصيرهم إلى ما خلقوا له من عبادة الرحمن، ومجانبة الشيطان.
  فقد علم الله ø ما يكون من فعل النبيين، وطاعتهم واجتهادهم له، وما يكون من المؤمنين من الطاعة والعبادة، والتسليم لحكمة، والمجاهدة للظالمين حتى يفيئوا إلى أمر الله، ويرجعوا إلى طاعته؛ فكل هذا خير كبير، وفضل جليل، علمه الله أنه سيكون من ولد آدم، ولم تعلمه الملائكة، حتى أعلمها الله بها وفهمها ذلك.
  ففيما ذكرنا لك، وشرحنا في جوابك كفاء وتبيان بما ألتبس عما سواه؛ فاعتمد عليه، وخذ به - يفسر لك ما غمض، ويوضح ما اشتبه؛ بحول الله وعونه.
  · قوله تعالى: {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا}[البقرة: ٣٢]
  قال في كتاب مجموع رسائل الإمام عبد الله بن حمزة # القسم الثاني، في سياق جواب عن مسألة في العلم ما لفظه:
  وأما ما حكى من قصة الملائكة $ في قولهم: {لا علم لنا إلا ما علمتنا} - فإن المراد بذلك: الغيوب، وأصول العلم التي لا تصح إلا من جهته سبحانه؛ لأن العلوم كلها لو كانت من قبله تعالى؛ فمنها: القبيح الذي لا يجوز أن يفعله الحكيم تعالى كالسحر، والشعبذة، وترتيب أنواع الملاهي، وكيفية إيراد الشبهة لهدم قواعد الإسلام - حرسه الله تعالى -، إلى غير ذلك، والحسن الذي