تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون 32}

صفحة 314 - الجزء 1

  خاتم النبيين؛ فكان إحياؤه للنفس هو: بالتعليم والتفهيم، لما افترض الله على جميع المسلمين، ومن إحياء النفس: الدفع عن المسلمين، والحقن لدماء المؤمنين، والذب عن المستضعفين.

  ووجه آخر من وجوهها أيضا: أنه لما كان هذا الحكم من الله ø في ابن آدم - وجب أن يكون حكما خاصا في الأنبياء والأئمة: أن من قتل منهم نبيا أو إماما كان كأنما قتل الناس جميعا؛ إذ حكم الأنبياء والأئمة سوى حكم الخلق، وبهم يهتدى من الحيرة، ويستضاء من الظلمة، وينصف المظلوم، وينعش الضعيف، وتقتسم الأموال، وتحقن الدماء، وتظهر من الله سبحانه على الخلق بهم النعماء؛ فإذا قتلوا فقد قتل الخلق، وأهلك العباد، وأفسدت البلاد؛ فنعوذ بالله من الضلال بعد التقى، ومن الحيرة بعد الهدى.

  وسألت: عن رجل قتل قوما عمدا، ثم أراد التوبة من جرمه، والإقادة من نفسه، فقلت: كيف يصنع؟ أيجمع الأولياء، أم كيف يعمل؟

  قال محمد بن يحيى #: إذا فعل ذلك فاعل فكان أولياء المقتولين في بلد واحد، فليجمعهم، ثم ليقدهم نفسه، فيحكموا فيه بما رأوا، فإن رأوا الصفح عنه فذلك جائز، وعليه لهم الديات، وإن صفح بعضهم وقتل بعض، فذلك جائز؛ لأن هذا حكمه خلاف حكم من قتل، وله أولياء كثيرون، وهم فيه مستوون؛ فإذا وهب أحدهم سقط القتل عن القاتل، ولم يكن للباقين أن يقتلوا، وهؤلاء فإنما هم أولياء لقتلى متباعدين، وفي الأنساب غير مجتمعين، فلولي هذا أن يقتل، ولولي هذا أن يعفوا.

  وإن كان قتل رجلا بالري، وأولياءه فيها، وقتل آخر بجرجان، وقتل آخر بآمل، وقتل آخر بورفوه - كان هؤلاء في بلدان شاسعة، ومواضع باينة - رأيت له أن يكتب إلى كلهم، يعلمهم بتوبته، ورجعته إلى الله سبحانه، وأنه خارج من خطيئته، بإقادة نفسه لهم، ويعلم كل أولياء المقتولين بمن يطلبه بالقتل، وأنه