قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا}
  الفاسقين، وألزمها من عند من جميع المفسدين؛ فجعل على من حاربه سبحانه، وسعى بالفساد في أرضه، وأخاف عباده - أحكاما على قدر جناياتهم، وجعل عليهم حدودا تنفذ على ما يكون من أفعالهم؛ فمن سعى في الأرض فسادا من جميع الناس، وقطع الطريق على المسلمين، وقتل المجتاز عليها - كان حكمه إذا أخذ وظفر به: أن يقتل ويصلب، وإذا أخذ أموال المسلمين على الطريق، ولم يقتل نفسا - قطعت يده ورجله من خلاف، وإذا عاد لقطع الطريق من بعد قطع اليد والرجل - نفي من الأرض، وأدب على قدر ما يرى الإمام.
  وقد قيل في النفي: إنه يحبس، ومن النفي أيضا: الطرد من البلد، والإخراج منها؛ فيكون خروجهم نفيا من أرضها، وإبعادا له من الفساد فيها؛ وهذه الأحكام فلا تكون إلا للأئمة، الحكام على الأمة.
  · قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا}[المائدة: ٣٨]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  قال محمد بن يحيى #: هذا الحكم من الله ø في السارق خلاف حكمه أولا في المفسدين في الأرض؛ لأن الله ø جعل عقاب مخيف الطريق وقاطعها: قطع اليد والرجل، وعلى السارق في المدن والحوانيت والبيوت: قطع اليد لا غير؛ لأن قاطع الطريق مجاهر لله بالمعصية، معلن بالجرأة، مفتخر بالمخالفة، مخيف للمسلمين في طرقهم، ذاعر لهم في اختلافهم؛ فجعل الله عليه في ذلك: قطع اليد والرجل؛ جزاء على فعله، وتشريدا لأهل البغي من خلقه، وتحذيرا لأشكاله، من المردة المفسدين، فيما كان من مجاهرته بالفعل العظيم، والجرأة بذلك على رب العالمين.