تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا}

صفحة 318 - الجزء 1

  وسألت: هل تقطع يد السارق بإقراره على نفسه؟ وهل يلزمه رد السرقة؟

  قال محمد بن يحيى #: إذا أقر السارق على نفسه بالسرقة مرتين، من غير إفزاع ولا بلاء؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «لا حد على معترف بعد بلاء»، فإذا لم يخف ولم ير سوءا: سئل عن عقله، فإن كان صحيح العقل سئل: أحر أم مملوك، فإذا شهد على حريته قطع الإمام يده، وما حال اعترافه بالسرقة إلا كحال اعترافه بالزنا، وإن رجع السارق عن إقراره من قبل أن ينفذ فيه الحاكم لم يقطع؛ لأن حاله كحال شاهدين شهدا على رجل بالسرقة، فلما قرب إلى القطع نكل أحدهما أو كلاهما، فلا قطع عليه عند نكولهما.

  وأما السرقة: فإن وجدت معه أخذت بعينها، وإن لم توجد معه، وكان قد استهلكها لم يحكم عليه بغرمها؛ لأنه قد استهلكها، ونفذ الحكم عليه من الله فيها؛ فحاله كحال من اغتصب امرأة بكرا على نفسها، فأقيم الحد عليه، فلا عقر لها؛ لأن الحد قد نفذ فيه، فلا يجتمع حد وعقر، كذلك لا يجتمع قطع وغرامة. وإنما ذهب من قال بعقر المكرهة إلى أن للإمام أن يحسن النظر في أمرها، وله أن يفعل في ذلك ما يوفقه الله له ويرى، من طريق نظر العلماء واستحسانهم، لا من طريق فرض مؤكد، كغيره مما هو مشدد.