قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم}
  من ربه ~.
  وقال في كتاب البساط:
  مسألة: في معنى {فتلقى آدم من ربه كلمات} الآية:
  ومما ضلوا فيه ونسبوا - مولاهم العدل - به إلى الجور، ولم يعرفوا معناه: قوله سبحانه: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه}، فيقولون: إذا كان الله قد أعطى آدم كلمات تلقاهن، فتاب بها عليه، ولم يعط إبليس مثل ذلك، ولم يتب عليه؛ فجائز أن يخص بعض عباده بالتوبة عليهم والمغفرة، ويمنع ذلك بعضا.
  وجوابنا في ذلك: أنا لا ننكر أن الله يختص الأنبياء والمؤمنين، فيفضلهم بأمور كثيرة، من ثوابه ورحمته وهدايته، على ما قد ذكرناه في باب الهداية.
  وأما ما تلقاه آدم من ربه: فإن الله أعلم جميع عباده أنه يغفر لمن تاب، فقال: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى}، فتلقى آدم ذلك عن ربه، فتاب واستغفر وأناب، ويقال: إن استغفاره كان قوله: «سبحان الله، وأستغفر الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر»، ويقال: إنه قال: «رب إني عملت سوءا، وظلمت نفسي، فاغفر لي؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت». ويقال: إن قوله: {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}؛ وكل ذلك فحسن، والله أعلم بحقيقة قوله، وقد كان الله أعطى إبليس ما أعطى آدم لو تلقاه عنه، وفتح له باب التوبة ولجميع الخاطئين.
  ويدل على حقيقة ذلك قوله: {قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون}؛ فهداه هاهنا: ما دلهم عليه من التوبة والرجوع الى طاعته، وهو الذي تلقاه آدم من ربه، ولم يتلقه إبليس، وأصر على ذنبه واستكبر، وامتنع مما أمره الله به وأنكره.
  {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى ونحشره يوم القيامة