قوله تعالى: {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون 100}
  قال محمد بن يحيى #: هما - كما ذكر الله ø - لن يستويا عند الله تبارك وتعالى في منزلة، ولا يحلان لديه في درجة؛ لأن الخبيث - وإن كثر وغزر - حرام، كثير الآثام، وعقوبته المجازاة فيه، الخزي الطويل، والويل والعويل، في العذاب الأليم، الدائم المقيم؛ فعاقبته وخيمة، وآثامه جمة، وليس فيه لأحد منفعة؛ بل هو عليه وبال ومضرة في جميع الأحوال.
  والطيب: فزكي مطهر مرضي، يثاب عليه بأكرم الثواب، مقبول عند الله في كل الأسباب، وقد يكون الطيب: من المؤمنين، أهل البصائر والدين، والمعرفة واليقين؛ فقد سماهم الله سبحانه طيبين، فقال: {الطيبون للطيبات}[النور: ٢٦]، فكل هذا يسمى طيبا؛ إذ هو من النجس بعيد، وعند الله سبحانه مكرم قريب، وقد يكون الخبيث: من مكاسب الدنيا، وجمائع الكفرة وزهاها، وكثرة زينتها وكبرها في أعين أبناء الدنيا، وعظمها في صدورهم؛ لما يرون من العدد والتملك؛ فتهواهم قلوبهم، وتأمقهم أنفسهم، فيزدرون عند ذلك: جمائع المؤمنين؛ لقلة عددهم، وخمول الدنيا وزينتها لديهم، فلا ينظرون إليهم؛ من الإعجاب بما ينظرون به أبناء الدنيا؛ فمدح الله الطيب من كل شيء، وعاب الخبيث، ثم قال: {ولو أعجبك كثرة الخبيث} فهو: غير زكي ولا نام رضي؛ فذمه الله سبحانه ولم يحمده؛ فهذا معنى الآية، والله ولي العون والتوفيق.
  وفي أهل الكفر والعصيان ما يقول ذو المنة والإحسان: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم}[البقرة: ٢٢١]، فقال: ولا تنكحوهن ولو أعجبكم حسنهن، ثم قال: ولا تنكحوهم، يعني: الرجال، يقول: ولو أعجبكم كثرة أموالهم، وشرف أصولهم؛ لأنهم عند الله مذمومون، ولديه من الهالكين.