قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر}
  قومه قال أتحاجونني في الله وقد هدان}[الأنعام: ٨٠]، يقول ﷺ: وقد أراني من آياته، ودلائل معرفته، ما أراني من أرضه وسمائه، وفطرته لهما وإنشائه؛ فنجاني من هلكتكم بجهله، والإشراك به، وخصني مع النجاة من هداه لي [باليقين]، ولولا هداه لي لعبدت كما عبدتم الآفلين، وكيف يكون [إلها] من أفل، وزال عن معهود حاله وتبدل؟!
  وفي تبدل الذات والصفات والأحوال - ما لا يدفع عن المتبدل من الإفناء والإبطال، وما بطل وفني - فخلاف ما دام وبقي، وما اختلف وتفاوت من الأشياء - فليس يحكم له إلا من ظلم: بالاستواء! فكيف سويتم في معنى، بين ما يدوم وبين ما يفنى؟! إلا أن تساووا في مقال واحد، بين كاذب وصادق، وكما سويتم فيما تحبون من العبادة وغيرها بين مخلوق وخالق.
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين}؟
  قال محمد بن يحيى ¥: الملكوت فهو: ما خلق الله ø من السماوات والأرض ومن فيهن، وما أظهر في ذلك من قدرته، وملكه سبحانه لجميع خلقه، لا يمتنع عليه شيء من مفطوراتها، ولا يحتجب عنه شيء من محجوبات سرائرها؛ فأرى إبراهيم # قدرته وسلطانه - كما قال - ليكون من الموقنين.
  ومعنى: أراه فهو: عرفه وهداه، وكان تكرمة له وتبيينا وتعريفا، مثل ما كان أراه من الطير الذي أمره بأصرها، عند مسألته لله ø أن يريه كيف يحيي الموتى، وغير ذلك مما أطلعه عليه سبحانه؛ فأراه سبحانه من قدرته التي قامت بها الدنيا وما فيها، من جميع الأشياء ما بهره، وزاده في تثبيته، وعظم به شكره، وعلم بذلك منزلته عند الله سبحانه وكرامته، وقد كان بالله عارفا، وله مجلا،