تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين 89}

صفحة 401 - الجزء 1

  قال محمد بن يحيى #: يقول سبحانه: ما قدروا الله حق الحقيقة التي تجب عليهم، ثم قال: {إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء}، وهذا قول من كفرة أهل الكتاب، وقد قيل: إنه مالك بن الصيف أحبر الأحبار؛ قالها جحدانا لمحمد صلى الله عليه وآله، وتعلقا بكفره، وصدودا عن الحق الذي بان له، ثم قال ø: {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس}، يقول سبحانه: فمن أنزل كتاب موسى؛ إذ كان الله ø لم ينزل على بشر وحيا، وموسى # من البشر، فقد جحدتم بقولكم هذا كتاب موسى # وأكذبتموه. ثم قال سبحانه: {تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا}، يقول: تجعلون الكتاب الذي أنزل الله سبحانه، والوحي المحكم، كحال القراطيس عندكم، التي تكتبون فيها فتخفونها مرة، وتظهرونها أخرى، وتغيرون فيها وتبدلون، وتزيدون وتنقصون؛ فجعلتم كتب الله ø في النقصان والزيادة والتبديل كنقصانكم في كتبكم وزيادتكم، وتخفون ما كرهتم، وتظهرون ما أحببتم، فذمهم الله في فعلهم، ووقفهم على عظيم جرمهم.

  ثم أخبرهم ø بما علمهم من الحق وهداهم إليه، وما كانوا ليعلموا هم ولا آباؤهم إلا بفضل الله ø وإحسانه إليهم، فكفروا بنعمه، وخالفوا حكمه؛ فأمر الله سبحانه نبيه عليه وآله السلام عند ذلك أن يقول لهم: {قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون}، أراد ø بقوله: {قل الله} أي: هو الذي أنزل الكتب التي جاءت بها الرسل، ثم أمره من بعد إقامة الحجة عليهم: أن يذرهم في خوضهم يلعبون، واللعب: فهو اللهو والعبث، والسهو والاشتغال، بالباطل والمحال.

  وقد قيل: إن معنى قوله ø: {تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا}، يقول: تظهرون من الصحف التي كتبتموها ما ليس فيه صفة رسول الله عليه وآله السلام، ووقت مبعثه، وصحة نبوته، وتخفون ما كان له فيه صفة،