قوله تعالى: {وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين 141}
  قال محمد بن يحيى ¥: حقه فهو: زكاته، وما جعل الله سبحانه فيه لضعفة عباده.
  وقلت: هل تجب الزكاة في قليله وكثيره؟
  واعلم - أحاطك الله -: أن الزكاة قد جعل الله سبحانه لها حدا، فإذا بلغ شيء مما تخرجه الأرض ذلك الحد - فقد وجبت فيه الزكاة، وإذا نقص عنه فلا زكاة فيه، وتفسير ذلك غير مجهول عندكم، ولا مستتر عنكم؛ بل قد وصل بكم من قبلنا شرحه وتبيينه.
  وقلت: ما أكل منه وانتفع به من قبل حصاده: هل تجب فيه الزكاة؟
  وكل ما قطع أو أكل وانتفع به، وأكثر الأخذ منه ففيه الزكاة، إذا كانت الزكاة واجبة في أصله، وما كان مما يأكل الداخل للضيعة، والطائف فيها - فقد رخص في ذلك، والحيطة في الدين أصلح؛ واحتجوا في ترخيصهم بقول الله سبحانه: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده}، فجعلوا ذلك لهم حجة، فصاروا يحملونه، ويقطعونه، ويأكلونه من قبل حصاده، حتى يذهبوا منه بأكثر من ربعه وثلثه، ثم يزعمون: ألا زكاة فيه، ويقولون: إنما تجب عليك الزكاة فيه عند حصاده؛ وهذا قول فاسد مدخول.
  وقد يخرج في تفسير الآية: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده}: أن يأكلوا من الثمر، ويؤدوا الحق الذي فيه؛ فكان ذلك منه ø رحمة لهم، وإنظارا بما يجب عليهم فيه، ولو حظره ø عليهم حتى يحصدوه - لأضر ذلك بهم، ولأتعبهم؛ ولكن أطلق لهم سبحانه أكله، وأمرهم بتأدية ما يجب في أوله وآخره عند كماله.
  وقلت: إن الهادي إلى الحق # كان يوجب الزكاة في ما أخذ منه قبل الحصاد؟