قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين 1}
  أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم}[الأنفال: ٢]، فدل جل ذكره على أن في عباده: مؤمنين بالإقرار، إيمانهم باطل لا ينفعهم، وهم الذين قرنوا به معصيته فأحبطوه، ولم يبق - جل ذكره - شيئا مما يؤمن به العبد نفسه من سخطه وعذابه، مما أمره به وفرضه، ونهى عنه وواعد عليه، إلا وقد ذكره مجملا بقوله: {وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين}، وذكر بعضه مفصلا.
  والإيمان الحق هو - مع الإقرار -: فعل ما يؤمن به الإنسان نفسه من سخط مولاه ووعيده؛ ويدخل فيه الإيمان الذي هو: الإقرار، والتصديق بالقلب واللسان، وجميع الطاعات لله؛ والحمد لله.
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام عبد لله بن حمزة #:
  سأل - أيده الله - عن: قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم}، الأنفال ما هي؟
  الأنفال في أصل اللغة هي: الزيادة من المحبوب؛ قال لبيد:
  إن تقوى الله من خير نفل ... وبإذن الله ريثي وعجل
  ثم صارت في العرف: تنفيل الغنائم؛ فكأنها زيادة في الخير، وسبب السؤال: أن المسلمين تنازعوا في الغنيمة يوم بدر، وكانت المشيخة والجلة ردءا للمسلمين مع رسول الله ÷، وكان الشبان والفرهان أوغلوا في اتباع القوم، فقال الشبان والفرهان: الغنيمة لنا؛ لأنا فضضنا القوم وتبعناهم؛ فبنا حيزت الغنائم. وقالت الجلة: نحن ردؤكم، وحفظنا رسول الله ÷، فلولا نحن لم تغنموا. فلما ساءت ظنونهم، وعظم تشاجرهم - نزلت في ذلك سورة الأنفال، من أولها إلى آخرها، وهي تسمى: سورة القتال، وسورة الأنفال؛ وفي ذلك ما رويناه بالأسانيد إلى زياد بن عبد الله البكائي، عن محمد بن إسحاق المطلبي، يرفعه، قال: نزلت سورة الأنفال في أهل بدر، في اختلافهم في النفل حين اختلفوا، فقال