قوله تعالى: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين 94}
  كنت}، ولم يقل: إن كان غيرك ممن آمن أو لم يؤمن في شك أو ارتياب - فاسأل عن أمرك أهل الكتاب.
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك}؟
  قال محمد بن يحيى #: ليس رسول الله صلى الله عليه وآله في شك مما أنزل إليه؛ بل هو على أيقن اليقين، ولم يقل الله سبحانه: أنه في شك، وإنما قال: إن كنت في شك، وليس هو # في شك؛ بل هو على بصيرة ثابتة، وعزيمة ماضية، بعيدة من الشك والارتياب، وليس يظن أحد أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في شك إلا أعمى القلب، بعيد الذهن، كثير الجهل.
  وهذه المخاطبة في لغة العرب تستعملها، وتتكلم بها، ويخاطب بعضهم بعضا فيها، وبها يقول القائل: «إن كنت في شك من قطع هذا السيف فيك فجرب»، وهو فلا يشك؛ بل يوقن، ويقول لصاحبه: «آتنا غداءنا عسى أن نأكل»، فأدخل «عسى»؛ لمجاز الكلام، وإنما أراد: أن نأكل، ولم يكن شاكا في ذلك؛ بل كان قصده له؛ قال الله سبحانه: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه}[الأنبياء: ٨٧]، ولم يظن # أن الله ø لا يقدر عليه؛ بل هو موقن بقدرة الله ø، ونفاذ أمره، وقد يخرج {فظن} على: الاستفهام، كما يقول القائل: «لم باع فلان طعامه، وترك نفسه؛ أظن أنه لا يحتاج إلى الأكل»، وهو فلم يظن ذلك؛ وهذا مما تعارفه العرب في لغتها، وتجيزه في كلامها.
  ومعنى: {فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك} فإنما أراد ø: كتبهم المنزلة، وما فيها من القصص وأخبار الأنبياء $، وما لقوا وما امتحنوا به من أممهم، مما قص الله ø عليه من أخبارهم؛ فأقامهم مقام: كتبهم؛ لأنهم لو كانوا قصدوا بالمسألة لكانوا في موضع الصدق، ولو صدقوا ما