تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فمنهم شقي وسعيد 105}

صفحة 16 - الجزء 2

  شقي قد شقي بعمله، وبما وقع عليه من حكم الله له بالعذاب، وسعيد قد سعد في ذلك اليوم بعمله، وبما قد حكم الله له به من الثواب. والشقي: أشقى الأشقياء من شقي في ذلك اليوم، والسعيد: أسعد السعداء من سعد في ذلك اليوم. وإنما أخبر الله سبحانه عن شقائهم وسعادتهم في ذلك اليوم لا في الدنيا؛ ألا ترى كيف يقول: {ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود}⁣[هود: ١٠٣]؟! يعني: يوم القيامة؛ ولو كان الأمر على ما ظنوا، لكانت المخاطبة عند أهل اللسان والمعرفة على غير هذا اللفظ، وكان اسم الشقاء والسعادة قد انتظمهم قبل ذلك اليوم، وكانوا مستغنين عن إرسال الرسل إليهم، وإنزال الكتب عليهم، ولم يكن لله سبحانه عليهم حجة؛ إذ كان المشقي لبعض، والمسعد لبعض، والمدخل لأهل الشقاء في المعصية، ولأهل السعادة في الطاعة؛ وهذا أقبح ما نسب إلى الله، وقيل به فيه؛ فنعوذ بالله من الضلالة والعمى، ونسأله الرشد والهدى.

  وقال في كتاب الرد على مسائل الإباضية للإمام الناصر بن الهادي #:

  وسألت عن: قوله ø: {فمنهم شقي وسعيد}، وقلت: ما معنى ذلك؟

  قال أحمد بن يحيى ~: قوله: {فمنهم شقي وسعيد}، يقول: منهم ناج بعمله، سعيد في الجنة، ومنهم شقي بعمله، هالك في النار. وقال ø: {ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد}؛ فكيف تكون يداه قدمتا له، وإنما هو أمر قسر عليه - زعمت المجبرة -، وبطل قوله عندهم: {وما ربك بظلام للعبيد}؛ نعوذ بالله لنا ولك من الجهل في دينه، والمعاندة لكتابه؛ إنه منان كريم.