تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك}

صفحة 18 - الجزء 2

  الجواب: اعلم - وفقك الله - أن معنى قول الله سبحانه: {إلا ما شاء ربك} كمعنى قوله: {يعذب المنافقين إن شاء}⁣[الأحزاب: ٢٤]، والتأويل فيهما سواء، وقد ذكر بعض من تمعنى الكلام: إن معنى «إلا» وكـ «ما» واحد، واحتجوا بقول الشاعر:

  إلا سليمان إذ قال المليك له ... قم في البرية فاحددها علي⁣(⁣١)

  والمعنى: كما سليمان إذ قال المليك له؛ فإن صح ذلك من التفسير: فمعنى قول الله سبحانه: {خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك} فهو: كما شاء ربك، والله سبحانه فلا شك أنه يشاء عذاب من كفر به ويريده؛ فاعلم ذلك.

  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام عبد لله بن حمزة #، في سياق جوابه عن أسئلة - ما لفظه:

  وفي معنى قوله تعالى: {فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ...} الآية، وما فائدة الاستثناء في أهل الجنة والنار؟

  الجواب عن ذلك: إن الاستثناء لأوقات الحساب والقيامة، فإن أهل الجنة غير خالدين في الجنة، وأهل النار غير خالدين في النار؛ فلا فرق بين الاستثناء في أول الأمر، ولا في آخره، كمن حلف بصيام شهر إلا يوم، فإن اليوم يجوز أن يكون من أوله، ومن آخره، ويصح الاستثناء.

  وقال في كتاب حقائق المعرفة للإمام أحمد بن سليمان #:

  الاستثناء هاهنا: من الحكم في الدنيا للشقي باسم الشقاء، وللسعيد باسم


(١) هكذا في الأصل المنقول منه، والذي في كتاب اللغة والأدب: أن النابغة الذبياني قال:

إلا سُلَيمانَ إذْ قال الإلهُ لَهُ ... قُم في البَرِيَّةِ فاحْددْها عن الفَنَد.