تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل}

صفحة 35 - الجزء 2

  · قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ}⁣[يوسف: ١١٠]

  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم #:

  ومن ذلك: ما ذكر أبو صالح، عن الكلبي، عن عمر بن الخطاب، أنه قال لابن عباس يوما من الأيام: يا أبا العباس، ضربتني البارحة أمواج القرآن في آيتين قرأتهما؛ لم أعرف ما تأويلهما؟

  فقال ابن عباس: ما هما يا أمير المؤمنين؟

  قال: قوله: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه}⁣[الأنبياء: ٨٧]، فقلت: سبحان الله، أيظن نبي من أنبياء الله: أن الله لا يقدر عليه، أو أنه يفوته إن أراده؟! ما ظن هذا مؤمن. وقوله: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا}⁣[يوسف: ١١٠]، فقلت: سبحان الله، كيف هذا: أيس الرسل من نصر الله، أو تظن أن قد كذب وعد الله؟! إن لهاتين الآيتين خبرا من التأويل ما فهمته!

  فقال ابن عباس: أما ظن يونس فإنه ظن لن تبلغ به خطيئته أن يقدر الله بها عليه العذاب، ولم يشك أن الله إن أراده قدر عليه؛ فهذا قوله: {فظن أن لن نقدر عليه}. وأما قوله: {حتى إذا استيأس الرسل} - فهو: استيئاسهم من إيمان قومهم، وظنهم فهو: ظنهم لمن أعطاهم الرضى في العلانية، أنه قد كذبهم في السر؛ وذلك لطول البلاء عليهم، ولم يستيئسوا من نصر الله، ولم يظنوا أن الله قد أخلفهم ما وعدهم.

  فقال عمر: فرجت عني، فرج الله عنك.