قوله تعالى: {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد 31}
  ألا إنني سقيت أسود حالكا ... ألا بجلي من ذا الشراب ألا بجل(١)
  فقال: «سقيت أسود حالكا»، والأسود لا يشرب، وإنما أراد: سقيت سم أسود حالكا؛ وهذا فكثير في اللسان، موجود في اللغة والبيان، وفي غير ذلك ما نزل الله من القرآن، وعلى ذلك مخرج قول الله: {أو كلم به الموتى}، ثم ابتدأ فأخبر: أن له الأمر جميعا في كل الأشياء؛ إظهارا منه لقدرته، واحتجاجا على بريته، وتثبيتا فيهم لحجته.
  وأما قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا}[الرعد: ٣١] - فقال في كتاب الرد على مسائل الإباضية للإمام الناصر بن الهادي #:
  وسألت عن: قول الله ø: {أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا}، فقلت: ما معنى: {ييأس} هاهنا؟
  قال أحمد بن يحيى #: يقول: ألم توقنوا؛ وذلك جائز في لغة العرب؛ لأنها نقلت أشياء في كلامها، وتصرفها إلى ضدها من الكلام؛ قال الشاعر:
  ألم يأيس الأقوام أني أنا ابنه ... وإن كنت عن أرض العشيرة فائيا
  وقال حريث بن جابر، وكان من رجال أمير المؤمنين ~ بصفين:
  أقول لهم بالشعب إذ يأسرونني ... ألم تأيسوا أني حريث بن جابر
  يريد: ألم توقنوا.
(١) هكذا في النسخة المنقول منها، وهو في مقاييس اللغة لابن فارس وغيره:
أَلَا إِنّنِي سُقِّيْتُ أَسْوَدَ حَالِكًا ... أَلَا بَجَلِيَّ مِنْ الشَّرَابِ ألا بَجَلْ
والبيت لطرفة، وبجيلة: قبيلةٌ.