قوله تعالى: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا 78 ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا 79}
  للصلوات من الفرائض والنوافل محدودا. وقال له صلى الله عليه وآله: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}[الإسراء: ٧٩]، وما أمره الله سبحانه في صدر نهاره، ولا في شيء مما وصل إلينا عن الرسول من أخباره - بنافلة من النوافل، وما كان بفضيلة من الفضائل بجاهل؛ فأمره بالصلاة من دلوك الشمس، وهو: الميل والزوال، وغسق الليل فهو: السواد والإظلام، وهو الطرف الآخر، والطرف الأول فهو: الفجر.
  (إلى آخر كلامه #، وقد نقلناه بتمامه في تفسير قوله تعالى: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات}[هود: ١١٤]).
  وقال في كتاب الأحكام للإمام الهادي #:
  قال يحيى بن الحسين ~: قال الله سبحانه: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا}، فكان قوله سبحانه: {لدلوك الشمس} فرضا لصلاة الظهر؛ ودلوكها فهو: زوالها، وكان قوله سبحانه: {إلى غسق الليل} دليلا على فرض المغرب؛ وغسق الليل: دخوله، ودخوله فهو: ظهوره، وظهوره فهو: ظهور الكواكب، كواكب الليل التي لا ترى إلا في الظلام، لا كواكب النهار الدرية، التي قد ترى نهارا في كل الأيام، ولذلك وفيه: ما قال الله، وذكر عن نبيه إبراهيم صلى الله عليه حين يقول: {فلما جن عليه الليل رأى كوكبا}، فذكر أن علامة الليل وغشيانه: ظهور كوكب من كواكبه، وما لم يغسق الليل ويجن، وتبين بعض الكواكب - فلا تجوز الصلاة ولا الافطار، وكان قوله: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} دليلا على فرض صلاة الصبح، ولا تجوز صلاة الصبح حتى يعترض الفجر ويتبين، وينتشر نوره وضوؤه في الأفق؛ فإذا انتشر وأنار، واستطار وأضاء لذوي الابصار - وجبت الصلاة على المصلين، وبذلك حكم رب العالمين، ثم