تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}

صفحة 98 - الجزء 2

  وسألت عن: قول الله ø: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}، وقلت: فإن قال لنا قائل: وهل يجوز أن يكون بعضه غير شفاء؟

  قال أحمد بن يحيى صلوات الله: إن القرآن شفاء، و «من» في هذا الموضع قد يجوز على: البعض وعلى الجميع، وذلك موجود في لغة العرب؛ تقول العرب: «هل يجيء لنا من هذا الثوب قميص»، أي: من الثوب كله، لا من بعضه، وكقول الله ø: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}، يريد: مقام إبراهيم # كله لا بعضه، ...

  (إلى أن قال:)

  وقال لبيد بن ربيعة الكلابي:

  تراك أمكنة، إذا لم أرضها، ... أو ترتبط بعض النفوس حمامها

  فقال: «بعض النفوس»، وإنما أراد: النفوس كلها، وقال ذو الرمة:

  تنسمن عن نور الأقاحي بالضحى ... وفترن عن أبصار مضروجة نجل⁣(⁣١)

  فقال: «من أبصارهن»، وإنما أراد: كل أبصارهن، وقال الله ø: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم}، يريد: يغضوا أبصارهم كلها عن محارم الله جل ثناؤه.


(١) تنسمن: تَشَمَّمْنَ، وإذا كانت تبسمن: فهو معروف. الأقاحي: جمع الأُقْحُوَانِ بالضم، وهو البابونج، وهي: زهرة كثيرة النفع. وفتَّرْنَ: سكنَّ بعد حِدّةٍ. وأبصار مضروجة: أعين واسعة، ونُجُل: واسعة أيضا، أتى بها للتأكيد. والبيت في الأغاني لأبي الفرج، وفي تاج العروس للزبيدي وغيره من كتب اللغة: بلفظ: «تبسم» بدلا عن: «تنسم»، وهو المناسب لمقابلة: «فتّرن»، ولأبيات القصيدة، وكذا بلفظ: «في الثرى» بدلا عن: «الضحى».