قوله تعالى: {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا 57}
  · قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ٥٧}[الكهف: ٥٧]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي #:
  معنى قوله ﷻ ذلك هو: إنكار عليهم؛ لقولهم الذي قالوا، حين دعاهم الرسول إلى الحق، وبين ما هم عليه من الباطل والفسق، فقالوا له استهزاء وعبثا: {قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون}[فصلت: ٥]، فقال الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وآله يحكي قولهم، ويرد كذبهم عليهم، فقال: {إنا جعلنا}، يريد سبحانه: إنا جعلنا على قلوبهم أكنة كما قالوا، وفي آذانهم وقرا كما ذكروا؛ بل الزور في ذلك قالوا، وبالباطل تكلموا؛ فأراد بذلك: معنى الإنكار عليهم، والتكذيب لهم، والتقريع بكذبهم، وتوقيف نبيه صلى الله عليه وآله على باطل قولهم، وجليل ما أتوا به من محالهم؛ فقال: {إنا}، وهو يريد: «أئنا»، فطرح الألف؛ استخفافا لها، والقرآن فعربي، إلى النور والحق يهدي؛ والعرب تطرح الألف من كلامها وهي تريدها، فيخرج لفظ الكلام لفظ إخبار ونفي، وهو تقريع وإيجاب واستفهام، وتثبتها وهي لا تريدها؛ فيخرج لفظ شك، ومعناه معنى خبر وإيجاب، في كل ما جاءت به من الأسباب، من ذلك قول الله سبحانه: {لا أقسم بيوم القيامة ١}[القيامة]، وقوله: {لا أقسم بهذا البلد ١ وأنت حل بهذا البلد ٢}[البلد]، فقال: لا أقسم؛ وإنما أراد: ألا أقسم؛ فطرح الألف منها؛ فخرج لفظها لفظ نفي، وهي قسم وإيجاب. وقال في عبده ونبيه يونس صلى الله عليه: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}[الصافات: ١٤٧]، فقال: أو يزيدون، فأثبت الألف وهو لا يريدها؛ فخرج لفظ الكلام لفظ شك، ومعناه معنى إيجاب وخبر؛ أراد سبحانه: وأرسلناه إلى مائة ألف ويزيدون على مائة ألف.